فصل: المقالة الثانية: ضعف الكبد وسددها وجميع ما يتعلق بأوجاعها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في صغر الكبد:

الكبد تصغر في بعض الناس وربما كانت كالكلية صغرة ويتبع صغرها أن الإنسان إذا تناول حاجته من الغذاء لم تسعه الكبد وأرسلت المعدة إليها ما تضيق عنه فأحدث ذلك سدداً وآلاماً ثقيلة ممددة وأوهن قوة الكبد في أفعالها لانضغاط قوتها الفاعلة تحت قوة المنفعل الوارد عليها فاختلّ أحوال الهضم والجذب والإمساك والتمييز والشفع وربما لزم من ذلك ذوب واختلاف لأن أكثر الكيموس لا ينجذب صفوه إلى الكبد.
العلامات: قد يدل عليه أن يحدث عند الكبد سدد ورياح كثيرة ويثقل عليها الغذاء المعتدل القدر ويضعف البدن لحاجته إلى غذاء أكثر ويدوم ضعف الهضم ويكثر حدوث السدد والأورام ومما يؤكده قصر الأصابع في الخلقة وقد كان الإنسان لا يزرأ بدنه من الطعام شيئاً ولا يصعد إليه شيء يغتذيه فحدس جالينوس أنه ممنو لصغر الكبد وضيق مجاريها فدبره بتدبير مثله.
المعالجات: تدبير هؤلاء المداواة بالأغذية القليلة الحجم الكثيرة الغذاء السريعة النفاذ وأن تتناول متفرّقة في مرات وأن تستعمل الأدوية المدرة والمسهلة المنقّية للكبد والملطّفة والمفتحة.

.المقالة الثانية: ضعف الكبد وسددها وجميع ما يتعلق بأوجاعها:

.فصل في ضعف الكبد:

قال جالينوس: المكبود هو الذي في أفعاله ضعف من غير أمر ظاهر من ورم أو دبيلة لكن ضعف الكبد في الحقيقة يتبع أمراض الكبد وذلك إما لسوء مزاج مفرد بلا مادة أو مع مادة مبدة.
وأمن الكبد نفسها أو من الأعضاء الأخرى التي بينها وبينها مجاورة مثل المرارة إذا صارت لا تجذب الصفراء أو الطحال إذا صار لا يجذب السوداء أو الكلية أو المثانة إذا كانتا لا يجذبان المائية أو الرحم لشدة النزف فتبرد الكبد أو لشدة احتباس الطمث فيفسد له دم الكبد أو المعدة إذا لم ينفذ إليها كيموساً جيد الهضم بل كان بعثها إليها كيوساً ضعيف الهضم أو فساده أو بسبب الأمعاء إذا ألمت وإذا كثر فيها خلط لزج فأحدث بينها وبين المرارة سدّة فلا تفصل المرارة عن الكبد وبقيت ممتلئة فلم تقبل ما يتميز إليها من الدم.
وهذا كثيراً ما يحدث في القولنج أو بسبب مشاركة الأعضاء الصدرية أو من البدن كله كما يكون في الحميات.
وقد يكون لا لسبب سوء المزاج وحده.
بل لورم دموي أو حمرة أو صلابة أو سرطان أو ترهّل أو قرحة أو شق أو عفونة تعرض للكبد وضعف الكبد الكلي يجمع ضعف جميع قواها وربما لم يكن الضعف كلّياً بل كان بحسب قوة من قواه الأربع.
وأكثر ما تضعف الجاذبة والهاضمة من البرد والرطوبة وتضعف الماسكة من الرطوبة والدافعة من اليبس.
العلامات: إن اللون من الأشياء التي تدلّ في أكثر الأمر على أحوال الكبد فإن المكبود في أكثر الأمر إلى صفرة وبياض وربما ضرب إلى خضرة وكمودة كما ذكرنا في دلائل الأمزجة.
ومن رأيت لونه على غاية الصحة بلا قلبة بكبده والطبيب المجرب يعرف المكبود والممعود كلاً بلونه ولا يحتاج معه إلى دلالة أخرى مثلاً وليس لذلك اللون اسم يدل عليه مناسب خاص.
والبراز والبول الشبيهان بماء اللحم يدلان في أكثر الأمر على أن الكبد ليست تتصرّف في توليد الدم تصرّفاً قوياً فلا تميز مادته عن الكيلوس ولا صفوه عن المائية.
وهذا في أكثر الأمر دليل على ضعف الكبد وهذا الاختلاف الغسالي في آخره يتنوع إلى أنواع أخر فيصير في الحار المزاج صديدياً ثم يصير كالدردي وكالدم المحترق ويكثر قبله إسهال الصفراء الصرف وفي البارد المزاج يصير كالدم المتعفن ويؤديان جميعاً إلى خروج أشياء مختلفة الكيفيات والقوام وخصوصاً في الباردة ويكون كما يعرض عند ضعف هضم المعدة وأكثر من به ضعف في كبده يلزمه وخصوصاً عند نفوذ الغذاء وجع ليّن يمتد إلى القصيرى.
وأما الأمزجة فيستدلّ عليها من الأصول المذكورة في تعرّف سوء مزاج الكبد.
والحار يجعل الأخلاط متشيطة والبارد يجعل الأخلاط غليظة بطيئة الحركة.
واليابس يجعلها قليلة غليظة.
والرطب يجعلها مائية.
والذي يكون بسبب المرارة فقد يدلّ عليه اللون اليرقاني وربما كان معه براز أبيض إذا كانت السدّة بين المرارة والأمعاء.
وأما المعدي فيستدل عليه بالدلائل آفات المعدة وسوء الهضم.
والمعوي يستدل عليه بالمغص والرياح والقراقر وبالقولنج وما يشبهه.
والكلي المثاني يستدل عليه بتغير حال البول عن الواجب الطبيعي وتميل السحنة إلى سوء القنية والاستسقاء والذي يكون بسبب الأعضاء الصدرية فيدلّ عليه سوء التنفس وسعال يابس وربما وجد صاحبه في المعاليق ثقلا وتمددا.
وأما علامات الأورام والصلابة والقرحة والشق وغير ذلك فسنذكر كلاً في موضعه فيجب أن نرجع إليه.
وأما دلائل ضعف القوة الهاضمة فهو أن الغذاء النافذ إلى الأعضاء يكون غير منهضم أو قليل الهضم أو فاسد الهضم مستحيلاً إلى كيفية رديئة.
وكثيراً ما تتهيج له العين والوجه ويكون الدم الذي يخرج بالفصد ضارباً إلى مائية وبلغمية اللهم إلا أن يكون من ضعف الماسكة فلا يمسك ريث الهضم.
وشرّ الأصناف أن لا ينهضم ثم ينهضم قليلاً ثم ينهضم رديئاً.
قال بعضهم ويتبع الأولين اختلاف مختلف الأجزاء والثالث اختلاف كدمّ عبيط.
وهذا كلام غير محصّل والغسالي من الاختلاف يدل على ضعف الهضم مع هضم قليل.
والأبيض الصرف يدل على أن الجاذبة ضعيفة جداً والهاضمة لست تهضم البتة لا سيما إذا خرجت كما دخلت وإن خرجت أشياء مختلفة دل على فساد هضم والبول في هذه المعاني أدل على الهاضمة والبراز على الجاذبة.
وأما دلائل ضعف الجاذبة فكثرة البراز ولينه وبياضه وإذا كان مع ذلك في البول صبغ دل على أن الآفة في الجاذبة فقط وخصوصاً إذا لم يكن في المعدة آفة ويؤكد ضعف الجاذبة هزال البدن.
وأما دلائل ضعف الماسكة فدلائل ضعف الهاضمة لتقصير الإمساك من حيث يتأدى إلى الأعضاء غذاء غير محمود النضج وعلى ذلك النحو إلا أن ذلك عن الهاضمة أكثر وعن الماسكة أقل.
ويكون الذي يخصّ الماسكة أن الكبد يسرع عنها زوال الامتلاء المحسوس بالثقل القليل بعد نفوذ الغذاء.
وأما علامات ضعف الدافعة فأن يقل تمييز الفضول الثلاثة ويقلّ البول ويقل مع ذلك صبغه وصبغ البراز وتقلّ الحاجة إلى القيام ولا تندفع السوداء إلى الطحال وتقل شهوة الطعام لذلك قطعاً ويجتمع في اللون ترهّل مع صفرة وسواد مخلوطين ببياض.
وكثيراً ما يؤدي إلى الاستسقاء وقد يؤدي أيضاً إلى القولنج البلغمي.
علاج ضعف الكبد: يجب أن يتعرف السبب في ضعف الكبد هل هو لمزاج أو مرض آلي وغير ذلك بالعلامات التي ذكرتها فيعالج كلاً بالعلاج المذكور فيه.
وأكثر ضعف الكبد يكون لبرد ما ولرطوبة أو يبوسة ولمواد رديئة محتبسة فيها فلذلك يكون أكثر علاجه بالتسخين اللطيف مع تفتيح وإنضاج وتليين مخلوطاً بقبض مقوّ ومنع العفونة وأكثر ذلك الأدوية العطرية التي فيها تسخين وإنضاج وقبض مثل الزعفران.
وقد ينفع أيضاً الأشياء المرة التي فيها قليل قبض فإنها بالحموضة تقوّي وتقطع وبالحلاوة تجلو وتفتح مثل حب الرمان ثم تراعي جانب الحرارة والبرودة بحسب ما يقتضيه المزاج فيقرن به ما يسخّن أو يبرّد ومن هذا القبيل الزبيب بعجمه بعد جودة المضغ.
وإذا دعاك داع إلى تحليل فلازمه عن القبض في أورام أو سدد أو غير ذلك إلا أن يكون هناك مزاج يابس جداً وربما افتقرنا باحتباس المواد فيها إلى الفصد والإسهال المقدر بحسب المادة إن كانت باردة لزجة فبمثل الغاريقون وإن كانت إلى رقة قوام وحرارة ما وكان هناك سدد فبمثل عصارة الغافث والأفسنتين مخلوطاً بهما ما يعين.
وربما كثر الإسهال والذرب فبادر الطبيب إلى أدوية قابضة يجلب منها ضرراً عظيماً بل يجب في مثل ذلك أن نستعمل المفتّحة والمقوّية بقبض معتدل وتفتيح صالح وخصوصاً العطرية خصوصاً مطبوخة في شراب ريحاني فيه قبض.
ومن الأدوية المشتركة لأنواع ضعف الكبد ويفعل بالخاصية كبد الذئب مجففاً مسحوقاً يؤخذ منه ملعقة بشراب.
وإذا عولج الكبد بالعلاجات الواجبة فيجب أن يقبل حينئذ على لبن اللقاح العربية.
ومن الأدوية الجيدة لضعف الكبد ما نحن واصفوه.
ونسخته: يؤخذ لك مغسول راوند صيني ثلاثة ثلاثة عصارة الغافت بزر الرازيانج بزر السرمق خمسة خمسة أفسنتين رومي ستة دراهم بزر الهندبا عشرة دراهم بزر كشوث ثمانية درهم بزر كرفس أربعة دراهم يتخذ منه أقراص أو سفوف.
ومن الأدوية المحمودة المقدمة على غيرها هذا الدواء.
ونسخته: يؤخذ زبيب منزوع العجم خمسة وعشرون مثقالاً زعفران مثقال وفي بعض النسخ نصف مثقال سليخة نصف مثقال قصب الذريرة مثقالان مقل اليهود مثقالان ونصف دارصيني مثقال سنبل ثلاثة مثاقيل أذخر مثقالان ونصف مر أربعة مثاقيل صمغ البطم أربعة مثاقيل دار شيشعان مثقالان عسل ستة عشر مثقالاً شراب قدر الكفاية.
وربما جعل فيه أفيون وبزر البنج.
وزعم جالينوس أن هذا الدواء مؤلف من الأدوية الموافقة بخواصها للكبد فمنها ما يقبض قبضاً معتدلاً مع إنضاج ومنها ما يجفف وينقي الصديد الرديء ومنها ما يصلح المزاج الرديء ومنها أدوية تضاد العفونة.
وأكثرها أفاويه عطرية كالدار صيني والسليخة فإنهما يضادان للعفونة ويصلحان المزاج ويدفعان السبب المفسد وينشفان الصديد الرديء ويدفعانه ويقاومان الأدوية القتالة والسموم وإن كان الدارصيني أقوى من السليخة.
وهذان الدواءان أقوى من جميع الأدوية العطرية وأما الدار شيشعان والزعفران فيجمعان إلى القبض إنضاجاً وتلييناً وإصلاحاً للعفونة.
وأما الزبيب فقد جعل وزنه أقل كسراً للحلاوة وليكون أوفق وهو من الأدوية الصديقة للكبد المشاكلة لها وهذه الصداقة من أفضل خواص الدواء النافع وفيه أيضاً إنضاج وتعديل للأخلاط وهو غير سريع إلى الفساد.
والشراب من الأدوية المرافقة ما لم يكن مانع سبق ذكره وفيه مضادة للعفونة والعسل فيه ما علمت والمقل ملين منضج محلل وكذلك علك البطم وفيه تفتيح وجلاء.
والذي يقع فيه الأفيون وبزر البنج فهو أيضاً شديد المنفعة إذا كان ضعف الكبد مقارناً لحرارة.
ولذلك صار الفلونيا مشترك النفع لأصناف ضعف الكبد على نسخته.
ومن الأدوية النافعة التي ليس فيها تسخين أن يؤخذ حن الناردين ثلاثة أجزاء ومن الأفسنتين الرومي جزآن ويسحقان ويعجنان بالعسل ويسقى منه.
ومن الكمادات الأدوية العطرية المعروفة مطبوخة بشراب ريحاني قابض وقد يخلط بها كعك ويجعل فيها دهن الناردين ونحوه ويؤخذ بصوفة ويكمد بها.
والضماد المذكور في الأقراباذين فيه حصرم وعساليج الكرم والورد وجميع ما ذكرنا في باب ضعف المعدة من الضمادات واللخالخ وضمادات مركبة من السعد والمصطكي والسنبل والكندر والسك والمسك وجوز السرو وفقاح الأذخر والبزور المعروفة ممزوجة بالميسوسن وإذا كان ضعف الكبد لسبب الحرارة وهو مما يكون في القليل دون الغالب فيجب أن تأمرهم بكل السفرجل والتفاح الشامي والكمثري الصيني والرمان المر والحامض إن لم يكن سدد كثيرة.
وماء الهندبا وماء عنب الثعلب مما ينفعهم ويؤمرون بتناول مرقة السكباج مصفاة عن دسمها متخذة بالكزبرة.
وإن لم تكن الحرارة شديدة طيبت بالدارصيني والسنبل والمصطكي.
ويوافقهم المصوصات المحشوة كزبرة رطبة مع قليل نعناع.
وإن لم تكن الحرارة شديدة جعل فيها الأبازير المذكورة وإذا رأيت تأثير الضعف في الكبد متوجهاً إلى الهاضمة قويت بما فيه قبض بقدر وعطرية وفيه إنضاج مثل الأدوية التي يقع فيها سنبل وبسباسة وجوزبوا وكندر ومصطكي وقصب الفريرة وسعد ونحوه.
وإن كان متوجهاً إلى الماسكة زدت في التقوية والقبض ونقصت من الاسخان أو قربت بمثل هذه الأدوية أدوية تقابلها في التبريد مثل الجلنار والورد والطراثيث وإن كان الضعف في الجاذبة قويت بما فيه قبض أقل جداً بل بما فيه من القبض قدر ما يحفظ قوة الكبد ولكن يكون فيه عطرية وتسخين واجتهدت في أن تعالج بالضمادات والأطلية والمروخات فإنها أشد موافقة في هذا الموضع واجتهدت أيضاً في تفتيح السدد.
وإن كان الضعف في الدافعة قوّيتها وسخنت الكلية والأحشاء بما تعلم في بابه وفتحت المسام بما تعلم.
واعلم أنه قد يكون كل ضعف من كل سوء مزاج فربما كان الواجب أن تبرد حتى تهضم وحتى تجذب فتأمل سوء المزاج الغالب قبل تأملك للضعف لكن أكثر ما يقع بسببه التقصير في الهضم هو البرد وكذلك في الجذب.
وأوفق الأغذية ما ليس فيه غلظ لزوجة كاللحمان الخفيفة والحنطة غير العلكة وماء الشعير للمحرور على حاله وللمبرود بالعسل ومخ البيض نيمرشت وما أشبه ذلك.
ومن الباجات النافعة لهم حب رمانية بالزيت إذا طيّب بالدارصيني والفلفل.
والزبيب السمين نافع لهم جداً حتى أنه يمنع الإسهال الشبيه بماء اللحم.